أحوال شخصية
· مقدمة
فى الآونة الأخيرة ازدادت الخلافات الأسرية بشكل ملحوظ وأحيانا ما تحل تلك الخلافات فى نطاق العائلة ولكن كثيرا ما يتصاعد الأمر حتى يصل بالزوجين إلى طريق المحاكم .
وكثيرٌمن المتخصصين فى مجال المنازعات الأسرية يتعاملون مع الأمر على أنه روتينى ومعتاد وينظرون للأمر وكأن دعاوى الأسرة محددة لا ابتكار فيها .
فى كُرَيِّم للخدمات القانونية أدركنا أن المنازعات الأسرية ونوع الدعاوى المرفوعة فى المحاكم قد تختلف من كل حالة عن نظيرتها فالحالة المادية والاجتماعية للزوجين ووجود أبناء من عدمه وكثيرٌ من الأمور الأخرى تحدد كيفية خوض معركتنا القضائية التى اعتدنا الانتصار فيها دائما .
سواء كان عميلنا الزوج أو الزوجة فبمجرد تعامله معنا نحيل الأمر برمته إلى قسم الأحوال الشخصية الذى يتولى بدوره دراسة الحالة طبقا لكل المعطيات وفى وقت قياسى ليضع خريطة كاملة عن نوع وكم الدعاوى التى يمكن أن ترفع منا وعلينا واضعين خطة واضحة عن كيفية مواجهتها واحتماليات المكسب والخسارة التى نصارح بها عميلنا بكل صدق .
· طلاق
الأصل فى الطلاق أنه بيد الرجل وبإرادته المنفردة ولكن يحق للمرأة طلب الطلاق وذلك من خلال المحكمة المختصة و الطلاق هنا يقع رغم عن إرادة الزوج فهو يقع بحكم محكمة .
وعند طلب الزوجة الطلاق من المحكمة أو بمعنى أصح عند رفع دعوى طلاق من قبل الزوجة على الزوج فإن المحكمة تتحقق من صحة الأسباب التى صاغتها الزوجة فى دعواها.
ومن ضمن الحالات التى يحق للزوجة فيها طلب الطلاق على سبيل المثال (الطلاق للغيبة ، الطلاق لحبس الزوج ، الطلاق لعدم الأنفاق ، الطلاق للعيب ).
ومن مميزات حكم الطلاق أنه يحافظ للزوجة على حقوقها كاملة بدون انتقاص وهو يختلف عن الخلع فى ذلك ، فالزوجة عند حصولها على حكم الطلاق فإن لها الحق فى المطالبة بحقوقها المالية من نفقة ومؤخر صداق وغيره ، كما أن الطلاق بحكم المحكمة يكون طلاقا بائنا وذلك حتى لا يستطيع الزوج إعادة زوجته دون رضاها خلال فترة العدة .
· خلع
الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229 – البقرة)
فى كثير من الحالات لا تستطيع الزوجة أن تستمر فى حياتها الزوجية وتكون على استعداد للتضحية أيا كانت فى سبيل الخلاص ، وهنا تلجأ الزوجة إلى الخلع .
والخلع هو أن تفتدى المرأة نفسها وذلك بالتنازل عن كافة حقوقها المالية بل ترد للزوج مقدم الصداق "المهر" الذى أعطاه لها عند الزواج .
ولا تحكم المحكمة بالخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين أملا فى احتمالية عودة الحياة الزوجية لطبيعتها ، ولكن إذا أصرت الزوجة على موقفها وأقرت أمام المحكمة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنها تبرئه أي تتنازل عن حقوقها المالية كاملة فتحكم المحكمة هنا بالخلع ، ولكن لا يعنى أبدا التنازل عن حقوقها التنازل عن حقوق أبنائها فهى تتنازل عن حقوقها هى فقط أي أن نفقة الأبناء إن وجدوا لا تتأثر بالخلع وإنما يظل الأب ملتزما بها .
وجدير بالذكر أن الخلع هنا هو طريق فى يد الزوجة لإنهاء العلاقة الزوجية مثل دعوى الطلاق ولكن لكل منهما ميزة وعيب ، فالخلع أسهل وأسرع ولكنه يحرم الزوجة من كافة حقوقها ، والطلاق أطول وأصعب ولابد أن يكون له أسباب تقتنع بها المحكمة تتأكد من صحته ولكنه يحافظ للزوجة على كافة حقوقها .
· نفقة
لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴿٧ سورة الطلاق).
“الرِّجَالُ قَّوَامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (ايه رقم 34 سورة النساء).
من المتعارف عليه ومما أقره الشرع والقانون أيضا أن النفقة تكون على الزوج باعتباره هو الرجل والمسئول عن الإنفاق ولكن المولى عز وجل وضع معيارا لذلك فى قوله تعالى " فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا" .أي أن الزوج ملزم بالأنفاق فى حدود دخله وإمكانياته المادية .
ولذلك فإذا امتنع الزوج عن الانفاق على زوجته أو أبنائه يجوز للزوجة أو الأبناء رفع دعوى نفقة على الزوج والتى يطالبه فيها بالإنفاق عليهم ، وتقدر المحكمة قدر هذا الإنفاق بما يتناسب مع إمكانيات الزوج وظروفه المادية .
وعند الحكم بمبلغ محدد يلتزم الزوج أن يؤديه لزوجته وأبنائه ، وفى حالة امتناعه عن سداد ما حكمت به المحكمة فيحق هنا للزوجة أن ترفع " دعوى حبس " على الزوج تجبره بهذه الدعوى على الدفع فإذا لم يدفع أمر القاضى بحبسه لمده ثلاثين يوما .
وجدير بالذكر أن صدور حكم بالحبس لا يعنى سقوط النفقة على الزوج وإنما يظل رغم الحبس ملزما بالنفقة .
فقد أقر القانون طريقا لتنفيذ دين النفقة وذلك عن طريق بنك ناصر الاجتماعى فالقانون خول لهذا البنك الحق فى الحجز على جزء من مرتب الزوج لدى مقر عمله وذلك بما يعادل ما حكم للزوجة به .
فالنفقة دين ذات طابع خاص كفل القانون حمايته بطرق مختلفة وذلك خشية على الزوجة من عدم قدرتها على الانفاق على نفسها لضعفها .
· حضانة
الحضانة هى أن يظل الأبناء فى رعاية والدتهم وذلك حتى بلوغ الصغار سن الحضانة أي ببلوغ خمسة عشر سنة ميلادية للصغير أو الصغيرة – طبقا لآخر التعديلات التشريعية- وبعد بلوغهم ذلك السن يخيرهم القاضى بين البقاء مع أمه أو العودة إلى أبيه .
وتلك الحضانة تترتب عليها بعض النتائج والالتزامات تجاه الزوج ، كالتزامه بنفقة الحضانة للزوجة ونفقة الصغار من مأكل وملبس ومسكن وعلاج وتعليم وخلافه وذلك بالطبع على حسب حالتى الزوج والزوجة المادية و الاجتماعية ، فليس هناك تقدير ثابت للنفقة أيا كان نوعها .
كما أن بقاء الأطفال فى حضانة أمهم يعطى للأم حقا فى البقاء فى منزل الزوجية أو طلب مسكن للحضانة .
وهناك شروط سبعة حددها القانون لانفراد المطلقة بمسكن الزوجية فى حال وجود أطفال :
- ثبوت إقامة الصغار بمسكن الزوجية قبل الطلاق .
- إنجاب الحاضنة لصغير أو صغيرة منسوب للأب المطلق.
- عدم بلوغ الصغير أو الصغيرة لسن الحضانة .
- عدم زواج المطلقة من رجل آخر .
- عدم وجود مال للصغير يكفى لمسكنه.
- عدم وجود مسكن للصغير أو للحاضنة مملوكا أو مؤجرا .
- ألا تكون قد طالبت ببديل نقدى .
كما أنه يمكن انتقال حضانة الأطفال من الأم فى بعض الحالات كإثبات أنها غير أمينة على الصغار أو أن تتزوج من رجل غير الأب وتنتقل الحضانة فى هذه الحالة بالترتيب الآتى :
إلى أم الأم ثم إلى أخت الأم ثم أخت الأب ، وإذا لم توجد حاضنة من هؤلاء النساء انتقلت الحضانة إلى الأب فى هذه الحالة .
·رؤية الأطفال
لكل من الأبويين الحق فى رؤية الصغار وللأجداد مثل ذلك الحق عند عدم وجود الأبويين وغالبا ما تكون الرؤية للرجل حيث إن الزوجة هى فى الأغلب ما تكون الحاضنة ، فإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقا ، نظمها القاضى بناء على دعوى ترفع من طالب الرؤية وذلك على أن تتم فى مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيا (غالبا ما تكون فى مراكز الشباب), ولا يجوز تنفيذ حكم الرؤية قهرا ، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر وتكرر منه ذلك جاز للقاضى بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتا إلى من يليه طبقا للترتيب السابق ذكره فى خضم حديثنا عن الحضانة .
· الطاعة
الطاعة هى حق للزوج على زوجته وهذا الحق يستلزم على الزوجة أن تطيع زوجها فى كافه أمور الحياة فلا يجوز أن تترك المنزل دون إذنه ، وإذا خرجت الزوجة وتركت منزلها دون إذن زوجها فيحق للزوج هنا أن يوجه لها إنذار طاعة على يد محضر ينذرها فيه بالعودة إلى بيتها وإلا أصبحت ناشذا .
وفى حالة إنذارها وعدم عودتها إلى منزلها بعد الإنذار تسقط كل حقوقها المالية مثل النفقة والمؤخر وخلافة .
ولكن يجوز هنا للزوجة أن تعترض على إنذار الطاعة فى خلال عشرة أيام عن طريق دعوى ترفع من الزوجة على الزوج وتسمى " دعوى اعتراض على إنذار طاعة " وذلك لأن مسكن الزوجية غير شرعى أو لأن الزوج غير أمين على أموال زوجته ، وأيا كان السبب فلا بد أن توضح الزوجة أسبابها فى الاعتراض على إنذار الطاعة فى الدعوى المرفوعة من جانبها .
وإذا حكمت المحكمة للزوجة فى هذه الدعوى فيحق لها أن تطلب الطلاق بناء على حكم المحكمة فى دعوى الاعتراض على إنذار الطاعة .
· إثبات النسب
فى بعض الأحيان تظهر مشكلة إثبات نسب الطفل إلى أبيه ، وإعتدنا على مواجهة تلك الحالة فى حالات الزواج العرفى الغير موثق ، فكثيرا ما ينكر الأب نسب ابنه فى حالة الزواج العرفى ، وتلجأ الأم فى هذه الحالة إلى رفع دعوى ثبوت نسب الأب .
فهنا لابد من إثبات أن الزوجة قد أنجبت الطفل ما بين ستة أشهر قمرية إلى سنة من زواجهما ، وهذه هى أقل وأقصى مدة حددها العلم لفترة الحمل شاملة كل الحالات الاستثنائية .
وشروط ثبوت نسب الطفل للزوج هى أربعة :
- قيام عقد الزواج الصحيح أو الفاسد .
- أن يكون من الممكن حمل الزوجة من زوجها .
- انقضاء مدة الحمل .
- أن تلد الزوجة فى المدة المعتادة للحمل .
· إثبات زواج
يتم اللجوء إلى المحكمة أحيانا لإثبات الزواج فى بعض الحالات المعقدة التى لا يستطيع فيها الزوجين الزواج بالعقد الشرعى الطبيعى لدى المأذون .
وتكون معظم هذه الحالات لها علاقة بوجود طرف أجنبى سواء كان الزوج أو الزوجة ، فزواج الأجانب له قواعد وشروط خاصة تحكمه تختلف عن تلك التى للمصريين .
ولأننا فى كُرَيِّم للخدمات القانونية لنا ما لنا من خبرة طويلة فى زواج الأجانب بشكل عام مما أتاح لنا الوقوف على تلك الحالات المعقدة التى تستلزم اللجوء إلى المحكمة لإثبات الزواج وكيفية التعامل معها ومدى جدواها .